عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-12-2013, 08:33 AM
مصطفى احمد مصطفى احمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 1,100
افتراضي الجريمة المستحيلة أبحاث قانونية وشؤون قضائية

الجريمة المستحيلة


أبحاث قانونية وشؤون قضائية
الجريمة المستحيلة

في الشروع الكامل وهو ما تتمفيه أعمال التنفيذ ولم يتحصل الجاني على ما يبتغيه قد تكون الأسباب في عدم حصولالجاني على النتيجة التي يقصدها استحالة مادية تعترض التنفيذ يجهلها الفاعل كمنيحاول إسقاط امرأة لم تكن بحامل، أو كمن يحاول قتل شخص كان فارق الحياة من قبل،وكمن يقصد قتل شخص بآلة نارية نزع منها الخرطوش من قبل، أو كمن يشرع في قتل إنسانبالسم فيضع له جوهرًا غير سام، أو كمن يحاول السرقة من خزانة أو صندوق أو درج أوجيب شخص لم يكن بها نقود، ففي هذه الأمثلة عدم حصول الفاعل على ما يبتغيه إنما نشأعن ظروف خارجة عن إرادته فهل في هذه الأحوال يعاقب الجاني على هذه الوقائع باعتبارأنها شروع كامل Delit Manqué أو لا عقاب لأن التنفيذ مستحيل ماديًا.
لقد تشعبت الآراء في هذا الموضوع:
المذهب المادي (doctrine objective):
إن أنصار هذاالمذهب يرون أن لا عقاب على الشروع لأن تنفيذ الجريمة أصبح مستحيلاً، ويعللون ذلكبأنه لا يمكن تصور بدء في تنفيذ ما هم مستحيل تنفيذه، ويرون أن الأفعال التي يأتيهاالفاعل كلها مظاهر تدل على نية الإجرام ولكن هذا مجرم عزم على ارتكاب جريمة، ومجردالعزم على ارتكاب جريمة حتى إذا كان مقرونًا بالأعمال الخارجية لا عقاب عليه، لأنالقانون لا يعاقب على مجرد التصميم.
على أن بعض أشياع هذا المذهب لم يسلموابإطلاق هذه القاعدة من غير شرط ولا قيد، لهذا يقسمون الاستحالة إلى مطلقة ونسبية،وفي الواقع لو طبقت القاعدة بدون قيد ولا شرط لترتب على ذلك نتائج غريبة منها عدمإلحاق العقاب على الجريمة الخائبةDélit Man qué على أنه في حالة ما إذا خاب الفعليمكن أن يقال بأن هناك استحالة اعترضت التنفيذ، مثال ذلك إذا حاول إنسان قتل آخرباستعماله آلة نارية معمرة ولكنه لم يصب المجني عليه أما لأنه أخطأ في تصويب الآلةوأما لأنه اضطرب قليلاً عند إطلاق العيار فأخذ المقذوف اتجاهًا منحرفًا، فهنا منالمستحيل إصابة المراد قتله للأسباب آنفة الذكر، على أنه من المسلم به أن الشخصالمقصود بالقتل كان عرضة للخطر الداهم ولم ينجُ إلا لظرف خارج عن إرادة الجاني، ومنجهة أخرى فلا يمكن تشبيه هذه الحالة بحالة ما إذا أراد قتل آخر بآلة نارية غيرمعمرة أو بحالة ما إذا كان المقصود قتله كان فارق الحياة من قبل.
لهذا قسموا الاستحالة إلى مطلقة ونسبية.
والاستحالة المطلقة والنسبية يمكن تقسيمها بالنسبة لمحل الجريمة وللوسائل والطرق التي تستعمل لارتكاب الجريمة، فالاستحالة المتعلقةبمحل الجريمة تكون مطلقة إذا انعدم محل الجريمة أو كان المحل مجردًا عن الصفةا لجوهرية المقصودة بارتكاب الجريمة كمن يريد قتل شخص كان فارق الحياة من قبل، أوكمن يريد إسقاط امرأة غير حامل.
والاستحالة تكون نسبية بالنسبة لمحل الجريمةإذا كان محل الجريمة حائزًا للصفات المقصودة من ارتكاب الجريمة ولكنه لم يوجد في المحل الذي يعتقد الجاني وجوده فيه، مثال ذلك: قصد شخص قتل آخر وأطلق عيارًا فيالحجرة التي يكون فيها عادةً ولكنه غاب عنها لسبب ما، أو حاول لص كسر خزانة أوصندوق الصدقات وكانا خاليين من المال، أو حاول شخص السرقة من جيب آخر ولم يكن به نقود.
والاستحالة التي تتعلق بالوسائل تكون مطلقة إذا كانت الطرق التي استعملتلا تؤدي للنتيجة بالمرة، كمن يحاول قتل آخر بآلة نارية غير معمرة، أو حاول شخص قتلآخر بالسم ووضع له جوهرًا غير سام، وتكون الاستحالة بالنسبة للوسائل النسبية إذاكان من شأنها أن تؤدي للنتيجة إنما لسوء الاستعمال أو لأسباب عارضية أخرى لم يحصلالفاعل على النتيجة المبتغاة، كمن يحاول قتل شخص بآلة معمرة ولكنه أخطأ تصويب الآلةأو لأن المجني عليه اجتنابًا للإصابة انحرف عن اتجاه المقذوف، أو لأن اللص الذييحاول السرقة من خزانة لم يحسن استعمال الأدوات التي استحضرها للكسر.
ففي أحوالالاستحالة المطلقة سواء تعلقت بمحل الجريمة أو بالوسائل لا يمكن اعتبار الأفعال لامن قبيل الجريمة الخائبة أو الشروع المعاقب عليه وإن كانت تدل على مظاهر أعماللتصميم جنائي.
أما في أحوال الاستحالة النسبية فقالوا بوجود جريمة خائبة معاقبعليها قانونًا.
وقد جرى أغلب الشراح على هذا التقسيم على أن البعض يرى أن لاعقاب بالمرة في أحوال الاستحالة المطلقة أو النسبية.

الاستحالة القانونية والاستحالة المادية

أما العلامة (جارو) فإنه يقسم الاستحالة إلى قانونية ومادية ويرى أن لا عقاب في الأولى أما في الثانية فيستحق الجاني العقاب.
والاستحالة القانونية تكون في حالة ما إذا انعدم أحد الأركان المكونة للجريمةكمن يريد إسقاط حامل في حالة عدم وجود الحمل، وكمن يريد قتل شخص كان فارق الحياة منقبل، وكمن يريد قتل حيوان ظهر أنه مملوكًا له، وكالشخص الذي يريد تسميم آخر بجوهرغير سام، وكمن يريد سرقة مال ظهر أنه ملكه، وما سوى ذلك فإن الاستحالة تكون ماديةويستحق الجاني العقاب.

المذهب الشخصي Doctrine Subjective

إن أنصارهذا المذهب إنما ينظرون إلى قصد الفاعل بصرف النظر عن الاستحالة إن كانت مطلقة أونسبية، سواء تعلقت بمحل الجريمة أو بالوسائل، لهذا يرون أنه يتعين البحث عن نيةوقصد الجاني وهل اقترن قصد الجاني بأفعال خارجية ينتقي معها كل شك، على أنه كانيريد ارتكاب جريمة معينة كما يجب البحث عما إذا كان هذا التصميم الجنائي المقرونبالأفعال خطرًا أم لا.
واختيار الوسائل قد يدل على أن الفاعل أما أنه ليس بكفءلارتكاب الجرم وأما لأنه ساذج لدرجة أنه يعتقد قتل شخص بالسكر أو بملح الطعام أوكمن يريد قتل شخص بآلة نارية فيطلقها على مسافة كبيرة جدًا يستحيل معها إصابةالمرمى، ففي هذه الأحوال الأخيرة لا جريمة، لا لأنها غير كافية للحصول على النتيجةالمقصودة وإنما تنهض دليلاً على أن الفاعل غير كفء لارتكاب الجرم أو أنها تدل علىضعف في الإدارة وتزعزع في العزيمة. ومن العبث إلحاق العقاب على مثل هذه الأفعالالتي لا يترتب عليها ضرر ما.
على أن هذه الأفعال تخالف ما إذا أراد شخص قتل آخرووضع له مادة بيضاء كالسكر مثلاً وكان يعتقد أنها سامة لخطأ الصيدلي في التركيب كماأنها تخالف حالة من يريد قتل آخر وكان عَمر الآلة النارية من قبل وإنما اُنتزعتالخرطوشة على غير علم منه أو كمن يريد قتل آخر بعيار ناري وكانت المسافة بينه وبينالمجني عليه أطول بقليل عن مرمى البندقية، ففي هذه الأحوال الأخيرة يستحق الفاعلالعقاب لأن هذه الأفعال لا تدل على أن الجاني غير كفء لارتكاب الجرم.
ومن أنصارهذا المذهب الشخصي علماء الألمان، وقد أخذت بهذه النظرية محكمة برلين العليا إذاقضت بتاريخ 24 مايو، و10 يونيه سنة 1880 بالعقاب على امرأة حاولت قتل جنينها وكانمولودًا ميتًا، وقضت بتاريخ 30 مارس سنة 1883 بعقاب شخص حاول إسقاط امرأة لم تكنبحامل، وبتاريخ 4 يونيه سنة 1883 و27 فبراير سنة 1888 أصدرت حكمين بهذا المعنىالأخير (وقد اتبع هذه القاعدة النقض المصري في حكمه الصادر بتاريخ 13 ديسمبر 1913نمرة 15 عدد 18 س 94) انظر فيدال طبعة ثالثة صـ 182 نبذة 182 والحاشية عليها.
ويرى فيدال وبعض الشراح أن نص القانون الفرنسي لا يساعد على تقسيم الجريمة إلىمستحيلة وغير مستحيلة لأنه جاء في تعريف الشروع أن تكون الجريمة خابت لظروف خارجةعن إرادة الفاعل، وأما التقسيم إلى استحالة مطلقة واستحالة نسبية فهو استبدادي Arbitraire ومن أوضاع الشراح وهو غير مؤسس على حقيقة ثابتة وعرضة للنقد والتأويل،وفي الواقع ليس هناك ما يسمونه بالاستحالة النسبية لأن إذا نظرنا إلى الظروف التيتحيط بالفاعل وقت ارتكاب الفعل إذا لم يحصل على النتيجة التي يبتغيها عند ما يأتيعلى الأفعال التي يستلزمها التنفيذ يمكن أن يقال بأن هناك استحالة مطلقة حالت دونالحصول على النتيجة وهذا ينافي ويتعارض مع الجريمة الخائبة المعاقب عليها قانونًا،وأن الاستحالة التي تحول دون الحصول على النتيجة المبتغاة مهما كانت صفتها ما هيإلا من الأسباب الخارجة عن إدارة الفاعل.

القضاء في فرنسا

يظهر أنالقضاء في فرنسا قد اتبع نظرية تقسيم الجريمة المستحيلة إلى مطلقة ونسبية، فقد قضىبأن لا عقاب على من يشرع في إسقاط امرأة ليست بحامل (النقض 6 يناير سنة 1859) ولافي حالة التسميم إذا استعمل الجاني جوهرًا غير سام.
وقد يظهر هذا التقسيمبأنواعه في حكم النقض الصادر بتاريخ 4 نوفمبر سنة 1876 الذي قضى بعقوبة الشروع فيسرقة صندوق الصدقات وكان خاليًا، وجاء بإحدى الحيثيات أن هذا الفعل لا يمكن اعتبارهمن قبيل الاستحالة المطلقة، وقد قضى بالعقوبة على شخص أطلق عيارًا في حجرة شخص كانيعتقد وجوده فيها قاصدًا قتله ولم يوجد بها صدفة (نقض 12 إبريل سنة 1879)، وبنيالحكم على نفس الأسباب السابقة.
وقد زعم بعض الشراح على أن النقض الفرنسي فيحكم حديث رجع عن هذه النظرية واتبع المذهب الشخصي في حكمه الصادر بتاريخ 4 ينايرسنة 1895، وهي حادثه محاولة لص السرقة من جيب شخص لم يوجد به نقود، ذلك لأن الحكمالمشار إليه لم يشر إلى تقسيم الاستحالة إلى مطلقة ونسبية، وجاء بالأسباب أنالجريمة خابت لظروف خارجة عن إرادة الفاعل.
على أنه قد صدر حكمان من محكمةالجنايات الفرنسية بتاريخ 16 يوليه سنة 1910، و20 مارس سنة 1913, وجاء بأسبابالحكمين الإشارة إلى تقسيم الاستحالة إلى مطلقة ونسبية (انظر فيدال صـ 163 طبعةسادسة).

رأي العلامة جرسون

إن هذا العلامة يرى أن نظرية الجريمةالمستحيلة اعتبرها الشراح بفرنسا مدة طويلة نظرية ثابتة وأساسها هذا التدليل الخلابإذا يقولون: إن الشروع يستلزم بدءًا في التنفيذ، وغير معقول البدء في تنفيذ جريمةيستحيل تنفيذها، إذن لا عقاب على الجريمة المستحيلة.
وقد قرر جرسون أن القضاءفي فرنسا بعد أن أخذ بنظرية الجريمة المستحيلة عاد واتبع المذهب الشخصي، وقد ذكرأسباب الحكمين الصادرين من محكمة النقض بتاريخ 4 نوفمبر سنة 1876، و4 يناير سنة 1895 المذكورين آنفًا.
ويرى أيضًا أن المذهب الشخصي حل محل نظرية الجريمةالمستحيلة (جرسون جزء أول صـ 24 نوته 109 و133 على المادة (3) من قانون العقوبات).

القضاء في مصر

أحكام المحاكم المصرية في هذا الموضوع:
1 - قد أشار حكم النقض الصادر بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1913 إلى تقسيم الجريمة المستحيلة إلى استحالة مطلقة واستحالة نسبية وهذا نص إحدى الحيثيات:
(وحيث إنه لا يصح القولهنا بوجود (جنحة مستحيلة) لأن مسألة هذه الاستحالة لا يمكن التمسك بها إلا في حالة وجود مانع مادي ومطلق لا بسبب وجود مانع نسبي ناشئ عن قوة إدراك المجني عليه وبالفعل فإن هذا الأخير قد جعل المتهم يخيب عن عمله بسبب ظرف قهري لا دخل فيه لنفس الواقعة ولولا وجود هذا الظرف لكان من الممكن أن الجريمة يتم ارتكابها فعلاً ) (المجموعة الرسمية سنة 1915 نمرة 19).
2 - وقد صدر حكم من محكمة النقض في نفسالتاريخ ومن ذات الهيئة الأولى.
ويظهر أن محكمة النقض في هذا الحكم قد اتبعتالمذهب الشخصي (مادة تسميم).
أما وجه النقض الذي قدمه المحكوم عليه فينحصر فيأنه لم يبين في الحكم أن كمية السم كانت كافية لإحداث الوفاة.
وهاك نص إحدىحيثيات الحكم:
(وحيث إن الوجه الثاني مبني على عدم بيان أن كمية السم كانتكافية لإحداث الوفاة فهذا البيان ليس ركنًا من الأركان المكونة لجريمة الشروع في القتل بالسم ولذا ليس من الواجب إثباته، لأن الشروع في القتل بواسطة السم يتكونبمجرد إعطاء شخص عمدًا مادة في إمكانها إحداث الموت أو يظن الفاعل أنها تحدث الوفاةوذلك توصلاً لقتل المجني عليه، وأما إذا أعطى السم بكمية خفيفة جدًا أو إذا كانتالجواهر المستعملة غير مضرة وذلك بدون علم الفاعل ولكنها أعطيت بقصد قتل المجنيعليه فإن هذه الوقائع لا تكون جناية مستحيلة بل شروعًا في القتل عمدًا قد خاب أثرهلأسباب خارجة عن إرادة الفاعل، وفي الواقع فإن جريمة الشروع في القتل عمدًا بواسطةالسم توجد قانونًا متى أظهر الفاعل نية ارتكابها بأفعال مقاربة للجناية ومع جميعالظروف المكونة لها، أما كون السم قد أعطي بكمية خفيفة جدًا أو أن المادة المستعملة كانت بدون علم الفاعل غير مضرة بدلاً من أن تكون قاتلة فإن هذه ظروف قهرية تجعلالفعل شروعًا بدلاً من قتل تام) (المجموعة الرسمية 15 نمرة 18). ارتكن الحكم علىجرسون وشرح القانون الألماني وحكم الإمبراطورية الألمانية في 24 مايو 1880، وقد قضتمحكمة أسيوط الاستئنافية في واقعة حاول الجناة فيها سرقة خزانة وكسروها ولم يجدوابها نقودًا.
وقد جاء بأسباب هذا الحكم ما يأتي:
(حيث إنه ثبت من شهادةالمجني عليه والتحقيقات أن المتهم دخل بيت المجني عليه وكان جاريًا كسر الدولابالذي كان بداخله عقود إيجار وسندات وقد اعترف المتهم أنه كان يكسر الدولاب لسرقةالنقود التي كان يعتقد أنها بداخله).
(وحيث إن الشروع في السرقة المعاقب عليهقانونًا يمكن توفره متى ظهر قصد الفاعل بأعمال محسوسة لا يمكن تفسيرها بغير ذلكوليس من المهم فقدان ظرف من الظروف التي توصل الفاعل إلى غرضه مثل عدم وجود النقودفي المكان الذي كان يقصد السرقة منه لأن فقدان هذا الظرف خارج عن إرادته).
وقدحكمت محكمة النقض والإبرام الفرنسوية في 4 يناير سنة 1895 بإدانة شخص وضع يده فيجيب آخر بقصد السرقة وكان الجيب خاليًا.
(ويظهر أن الحكم اتبع المذهب الشخصي).
ونلاحظ بأن حكم النقض الفرنسي المشار إليه بهذه الحيثيات قد اتخذه جرسون وبعض الشراح دليلاً على أن النقض بفرنسا عدل عن المذهب المادي

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس