روايه الضعيف

[عبقرينو]

انا : عبقرينو

الجميع يسخرون منه .. من قامته الضئيلة ، وأطرافه الهزيلة .. كل زملاء كليته ينظرون إليه كشاب ضعيف واهن .. صحيح أنه متفوق في دراسته إلى حد يثير الحسد .. وصحيح أنه ذكي لامع .. إلا أنه دومًا مثار سخريتهم .. فقط لأنه ضعيف .. والعجيب أنه لم ينطو على نفسه لفعلتهم هذه ، ولم يفقد ثقته بنفسه أبدًا ، بل على العكس ، لقد بدا دومًا هادئًا مبتسمًا ، وكأنما يدرك وحده أنه يفوق الجميع .. ولكن ضعفه كان واضحًا للأعين ، وكذلك كانت قامته الضئيلة ، التي تكاد تختفي في مقعد القيادة ، وهو يقود سيارته الصغيرة ، التي تناسب مع حجمه .. لم يفقد ثقته بنفسه إلا مرة واحدة .. عندنا أحب .. كانت الفتاة التي أحبها واحدة من أجمل فتيات الكلية ، وأكثرهن جاذبية ، حتى أنه شعر بقلبه يميل إليها في شدة .. ولم يتردد في الأمر .. لقد اتجه إليها مباشرة ، وأعلن لها حبه ، ورغبته في الارتباط بها .. ولكنها ابتسمت في مزيج من السخرية والإشفاق ، وهي تخبره أنها لم تفكر بعد في الارتباط .. ولكنه قرأ الجواب الحقيقي في عينيها .. إنها مثلهم جميعًا .. إنها تراه ضعيفًا هزيلًا .. آه لو يعلمون !! .. آه لو يعرفون أنه يفوقهم جميعًا !! .. وفي حزن اتجه إلى سيارته ، وانطلق بها .. كانت هذه عادته ، كلما شعر بالحزن .. أن ينطلق بسيارته في الطريق الصحراوي بلا هدى .. وبينما هو ينطلق بالسيارة شارد الذهن ، جاورته سيارة نقل هائلة ، ذات مقطورة ضخمة ، وأراد سائقها أن يتجاوزه في سرعة .. ولكن فجأة اختلت عجلة القيادة في يد سائق سيارة النقل ، فمالت السيارة بحجمها الهائل على سيارته الصغيرة .. وكان من الواضح أن السيارة الضخمة ستسحق الصغيرة بقائدها .. ولكنه لم يهتم ، أو تهتز في جسده شعرة واحدة .. لقد تلفت حوله في سرعة ، ليتأكد من أن أحدًا لا يراه ، ثم مد يده من نافذة سيارته ، ودفع سيارة النقل بعيدًا في بساطة ، كأنما يدفع لوحًا من الخشب ، ينزله على عجلات مرنة .. وأُصيب قائد سيارة النقل بالذهول أمام المشهد .. وتصور أنه قد أخطًا رؤية ما حدث .. أما هو ، فقد انطلق بسيارته الصغيرة ، وقد عاوده شروده ، وفي رأسه تدور العبارة نفسها .. آه لو يعلمون !!
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك