العريان يحذر من -الإجراءات الحمائية المتزايدة قبل قمة الـ20

[دكتره]

انا : دكتره

الدول المتقدمة أصبحت أكثر ميلاً لتقليص الاستيراد والبحث عن بدائل محلية
ضعف النمو وانعدام المساواة يدفعان لانتخاب أحزاب يمينية

أيمن عزام

قال الخبير الاقتصادي محمد العريان إن العالم تفادي السقوط في هوة الحمائية رغم تعرضه للكساد الكبير عقب الأزمة المالية التي اندلعت عام 2008، لكنه يحذر مقابل هذا من تزايد إغراءات اللجوء لهذه السياسة في الوقت الحالي.

الدافع وراء تبني هذه الحمائية كان يتمثل في تراجع اجمالي الناتج المحلي في أكبر 20 اقتصادا عالميا خلال الركود الذي أعقب الأزمة المالية وبحث هذه الاقتصادات عن النمو حتى لو تحقق هذا على حساب الدول الأخرى.

وتم تجنب اللجوء لهذه السياسة، حسب مقالة محمد العريان في وكالة بلومبرج، إدراكا من هذه الدول لانعدام فاعليتها وظهور أضرارها على المدى الطويل، بجانب رغبة وقدرة قادة دول العشرين في تبني أجندة شاملة داعمة للنمو خلال اجتماع قمة العشرين الذي انعقد في أبريل 2009 بلندن.

وبدلا من إقبال الاقتصادات المتقدمة على اتخاذ اجتماع لندن كأساس لتبني هذه الأجندة انشغل الواحد منها تلو الآخر بالاعتماد المفرط على البنوك المركزية، ولأن أدوات السياسة النقدية بما فيها المبتكرة غير التقليدية لا تقدم حلولا مستديمة لمشاكل البلدان المتقدمة، فقد اتسم اداء الاقتصاد الكلي في هذه البلدان بالضعف لدرجة أنها اخفقت في تحقيق الأهداف المرجوة أو التقدم الشامل.

وأضاف العريان أن النمو الضعيف الحالي وتزايد انعدام المساواة داخل البلدان المتقدمة أصبح يهدد الآن إجماعًا تشكّل سابقا لصالح العولمة والتكامل الاقليمي الذي كان سمة بارزة للتفكير الاقتصادي طيلة العقود الماضية، ونتج عن هذا احباط فرص التقدم على صعيد التحرير الاقتصادي والتكامل الثنائي بين الدول المتجاورة.

وخلال الأسبوع الجاري أعلنت كل من ألمانيا وفرنسا اعتراضهما العلني بشأن اتفاقية الشراكة الاستثمارية والتجارة العابرة للمحيط الأطلنطي الجاري التفاوض بشأنها من قبل مسئولي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وحث المسئولون الفرنسيون الاتحاد الأوربي في بروكسل على وقف المفاوضات.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تتزايد احتمالات رفض التصديق على اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ بين الولايات المتحدة و11 دولة آسيوية بعد التوقيع عليها في فبراير الماضي.

واستعرض العريان أمثلة اخرى على تطورات شملت وقف تفعيل اتفاقيات الشراكة عالميا، إذ توقع انهيار اتفاقيات ظلت ثابتة لفترة طويلة ماضية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد، وما زاد الطين بلة اتخاذ المفوضية الأوروبية قرارا الأسبوع الماضي بفرض ضريبة بقيمة 14 مليار دولار على شركة آبل الأمريكية، وهو ما أثار انزعاج المسئولين الأمريكيين والحكومة الأيرلندية التي توصلت لاتفاق مبدئي مع الشركة الأمريكية.

ويؤدي الغضب الشعبي جراء تراجع معدلات النمو الاقتصادي وتزايد انعدام المساواة إلى صعود أحزاب وحركات ذات توجهات يمينية تدافع عن سياسات ومصالح وطنية بحتة.

ويتوقع العريان استمرار موجة إضعاف اتفاقيات التكامل على المستوى الإقليمي والعالمي وتزايد اشتراط اتصاف الاتفاقيات التجارية بالعدل أكثر من اتصافها بالتحرر.

والأخطر من هذا ابتعاد الدول عن الاستيراد ومحاولة ايجاد بدائل محلية وإقرار تدابير غير محفزة لتدفقات السلع والأموال الأجنبية.

ويرى العريان أن ميل السياسيين التقليديين الحاليين لتبني سياسات حمائية يرجع الى رغبتهم في زيادة فرص اعادة انتخابهم بجانب التحجج بأن الأضرار التي ستلحق بالاستثمارات العابرة للحدود والتجارة العالمية ستكون اكبر واكثر استدامة حال تولي منافسيهم الأكثر يمينية مقاليد السلطة في بلدانهم.

وطالب العريان في ختام المقالة بإنقاذ ما يمكن انقاذه وتخفيف حدة التداعيات السلبية الناتجة عن التطورات سالفة عبر الالتزام خلال اجتماع قمة العشرين المنعقد حاليا في الصين بإقرار تدابير تتسق مع روح اجتماعات قمة العشرين السابقة.

واستبعد العريان إظهار الدول المجتمعة في القمة القدر الكافي من الالتزام بسبب تعرض قادتها لضغوط داخلية تدفعهم لتبني سياسات حمائية داعمة لنمو الاقتصاد المحلي على حساب الشركاء التجاريين، والأرجح تفضيل قادة أمريكا وأوروبا الابتعاد على المدى القصير عن تمرير اتفاقيات التكامل العابر للحدود بينهما.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك